في ظهور بارز له خلال مشاركته في منتدى الدوحة الاقتصادي الأسبوع الماضي، أعلن إيلون ماسك أنه سيواصل مهامه كرئيس تنفيذي لشركة تسلا لمدة لا تقل عن خمس سنوات قادمة، مضيفًا بنبرة فكاهية: "ما لم أمت"، وهي عبارة أطلقت ضحكات الحضور، لكنها سرعان ما حملت دلالات أعمق عن مدى تمسّكه بقيادة واحدة من أكثر الشركات تأثيرًا في قطاع السيارات الكهربائية عالميًا.
جاء هذا التصريح كحسم مباشر لسلسلة من الشائعات التي انتشرت مؤخرًا حول احتمالية استبداله في المنصب، خصوصًا بعد تقارير تحدثت عن استعانة مجلس الإدارة باستشاريين خارجيين للبحث عن بديل محتمل. رغم نفي رئيسة مجلس الإدارة روبين دينهولم لتلك الأخبار، فإن ماسك اختار مواجهة الجدل بطريقته الخاصة، مضيفًا بأسلوبه الساخر: "دعوني أتفقد نفسي إذا ما كنت قد رحلت"، في إشارة إلى عزمه البقاء مهما تصاعدت الضغوط الداخلية أو الخارجية.
تصريحات ماسك تأتي في وقت دقيق تواجه فيه تسلا تراجعًا ملحوظًا في مبيعاتها في أوروبا، حيث سجّلت انخفاضًا بنسبة 37% في الربع الأول من عام 2025. ورغم هذا التراجع، شهدت أسهم تسلا انتعاشًا لافتًا في الأسواق الأمريكية، ما جعل تأكيده على الاستقرار القيادي بمنزلة رسالة طمأنة قوية للمستثمرين، في ظل استمرار المنافسة المتسارعة في سوق السيارات الكهربائية واتساع نطاق مشاريع الشركة المستقبلية، وعلى رأسها مشروع الروبوتات "أوبتيموس".
وخلافًا لما قد يُعتقد، رفض ماسك الربط بين بقائه في المنصب وأي مصالح مالية، مشددًا على أن المسألة تتعلق برغبته في توجيه مستقبل الشركة بشكل منطقي ومسؤول، خاصة فيما يتعلق بمشروع تصنيع "مليارات الروبوتات البشرية". ومن خلال ما يُعرف بـ "بند الغزال" أو "Gazelle Clause"، يسعى ماسك إلى ترسيخ ضمانات قانونية تحمي موقعه من أي تحركات داخلية قد تسعى لاحقًا إلى الحد من نفوذه داخل الشركة.
ومع عودة تسلا إلى سقف التريليون دولار في قيمتها السوقية، ومواصلة العمل على مشروعات استراتيجية مثل "روبوتاكسي" و"أوبتيموس"، يبدو أن إيلون ماسك يسعى لتكريس رؤيته القيادية بكل وضوح، جامعًا بين الحزم والفكاهة، لتثبيت موقعه في طليعة التحولات المستقبلية لصناعة النقل. وبينما تبقى عبارة "ما لم أمت" عالقة في الأذهان، فإن إرث ماسك في تسلا يتجاوز المنصب، ليُجسّد رحلة غير مسبوقة في تاريخ الابتكار الصناعي.