بعد أعوام من الاستثمارات الكبيرة والشعارات الطموحة في مجال السيارات الكهربائية، تواجه شركة جنرال موتورز مرحلة صعبة تُعد من الأكثر تعقيداً خلال العقد الأخير، بعدما أعلنت عن تسريح آلاف الموظفين من مصانعها في الولايات المتحدة، في مؤشر على أن التحول نحو السيارات الكهربائية لا يسير كما كانت تأمل.
تشمل خطة التسريح أكثر من 3300 عامل في مصانع البطاريات والسيارات الكهربائية في ولايات ميشيغان وأوهايو وتينيسي، وهي مواقع رئيسية ضمن مشروع الشركة للتحول إلى إنتاج المركبات عديمة الانبعاثات. وكان مصنع فاكتوري زيرو في ميشيغان الأكثر تضرراً بإلغاء نحو 1200 وظيفة، بينما أُوقف العمل مؤقتاً في مصنع أولتيم سيلز في أوهايو، مما أدى إلى فقدان 550 موظفاً وظائفهم، إضافة إلى تسريح مؤقت لحوالي 700 عامل في مصنع تينيسي. وأوضحت جنرال موتورز أن هذه الخطوة مؤقتة، لكنها تأتي وسط تباطؤ غير متوقع في الطلب على السيارات الكهربائية. رئيسة مجلس الإدارة والرئيسة التنفيذية ماري بارا أكدت أن وتيرة التحول الكهربائي كانت أبطأ من التوقعات، وقالت في بيان رسمي إن تبني السيارات الكهربائية في المدى القريب سيكون أقل مما خُطط له، ولهذا تعيد الشركة تقييم قدراتها الإنتاجية وخططها الصناعية. تصريحاتها تعكس تحولاً في نبرة الشركة من التفاؤل المطلق إلى واقعية أكبر، خاصة بعد أن وعدت جنرال موتورز سابقاً بأن تصبح شركة كهربائية بالكامل بحلول عام 2035.
تراجع الشركة يعود إلى مجموعة من العوامل مثل انخفاض الطلب المحلي بسبب الأسعار المرتفعة وصعوبة الوصول إلى محطات الشحن، وتأخر سلاسل التوريد ومشاكل في إنتاج خلايا البطاريات، والمنافسة الشديدة من علامات مثل تسلا وريفـيان إلى جانب شركات صينية بأسعار أقل، إضافة إلى نقص البنية التحتية للشحن السريع وتكاليف الإنتاج المرتفعة التي لم تنخفض بالسرعة المطلوبة.
ورغم أن الشركة ما زالت تحقق أرباحاً جيدة، خاصة من سياراتها التقليدية مثل تاهو وإسكاليد، فإن مبيعات السيارات الكهربائية لم تصل بعد إلى المستوى المأمول. وتدرس جنرال موتورز حالياً تعديلاً لاستراتيجيتها مع توجه نحو التوازن بين السيارات الكهربائية والهجينة بدلاً من الاعتماد الكامل على الكهرباء. وتؤكد بارا أن الشركة ما زالت ملتزمة بالتحول الكهربائي، ولكن بطريقة أكثر مرونة تراعي واقع السوق.
تجربة جنرال موتورز تعكس تحولاً أوسع في صناعة السيارات العالمية، إذ بدأت شركات كبرى مثل فورد ومرسيدس وحتى تسلا في إعادة تقييم سرعة التحول الكهربائي، بينما تتجه بعض الأسواق إلى التركيز على السيارات الهجينة كخيار عملي في المرحلة الحالية. في النهاية، تبرز تجربة جنرال موتورز كتذكير بأن الانتقال إلى السيارات الكهربائية مسار طويل ومعقد يحتاج إلى توازن مدروس بين الطموح والواقع.